Document Type : Original Article
Author
رئيس قسم الدراسات العليا في كلِّية الفقه، في جامعة الكوفة، العراق.
Abstract
Keywords
Article Title [العربیة]
Author [العربیة]
بَيْدَ أن التطرُّف يظهر تارةً كأنه حالات فردية؛ ويتحول تارةً أخرى إلى ظاهرة اجتماعية. وقد يطول زمن استحكام الظاهرة؛ وقد يقصر؛ بحَسَب نوع الوعي الذي يواجه الظاهرة، والبيئة الحاضنة، ووجود أسباب موضوعية تديم الظاهرة. ولا بُدَّ من أن نسجِّل أنه ليس كلّ تطرف يلزم أن يقترن بالعنف؛ فهناك متطرِّفون لا يستخدمون العنف لعرض أفكارهم. وقد تجبر الحركات المتطرِّفة على عدم استخدام العنف، مع رغبتها فيه، أنّ ظروفاً قاهرة لها تمنعها. وتجربتنا في بلدان العالم الاسلامي تكشف أن ممارسة العنف الديني الناشئة عن التطرُّف هي من خلايا نائمة لا تظهر إلاّ في حالة ضعف أجهزة الدولة؛ إما لعدم وجود الكفاءات التي تدير مؤسّساتها؛ أو لعوامل أخرى. ويكاد يكون موضوعياً أن التطرُّف رؤية فكرية لممارسة العنف. ويقابل مناخ التطرُّف الوسطية، وهي القَدْر من التوازن بين المتبنّيات الفكرية وبين ما يختلف معها من أفكار، بحيث يبدأ الاعتدال من ذلك القَدْر من المقبولية للآخر، على أنه ليس بالضرورة أن ينتج عن المقبولية مشروعية تلك الأفكار. ولعلّ ذلك هو مفهوم التعارف الوارد في القرآن الكريم: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ...الآية﴾، ولعلّ الوسطية التي يُراد منها أن تكون المناخ الذي يغلق الطريق على تدنّي الوعي المنتج للتطرّف هي الاعتبار الممنوح لكلّ صاحب رأيٍ، والسماح للاستماع له، ثم مطالبته بالبرهنة على ما يرى. فهي إذن في البداية منهج معرفي ينطوي على قَدْرٍ من الشمولية في الرؤية متعدّدة الأبعاد.
Keywords [العربیة]